تخطى إلى المحتوى

المنزوون بالقران (()) 2024.

منزوون بالقرآن‼
الداعية : عبد القادر أحمد عبد القادر

إذا جاءَ رمضانُ أقبل المسلمون على القرآن…

رُبع في جلسة، أو جزء، أو أكثر…

ويتسارع تقليب صفحات المصحف من أجل ختمةٍ، أو ختمتين، أو ثلاث أو أكثر…

فلنسأل أنفسنا هذا السؤال:

هل نقرأ القرآنَ لمجرد القراءة؟ وهل هذا الحالُ هو المطلوب؟ وهل هذه الحالة هي وظيفةُ القرآن؟

فلنستمد الإجابة مباشرةً وصراحة من القرآن نفسه في هذيْنِِ الموضعين:

– مِن بداية القرآن، من الآية الثانية من سورة البقرة (ذَلِكَ الكِتَابُلاَرَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ).

– ومِن بين آيات الصوم حين يزداد الإقبال على القرآن (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِوَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَىوَالْفُرْقَانِ) سورة البقرة، الآية 185.

إذن القرآن (هدى للمتقين)، و(هدى للناس).

للقرآن عملٌ ووظيفة، وقد أنزله الله ليعمل، وليتوظف…

في مجتمع المُهتدين المتقين المتدينين (هدى) ليزيدهم هدى، ويثبتهم ويرتقى بهم.

وفي مجتمعِ الناس الواسع، مجتمع غير المسلمين، أو مجتمع العصاة الشاردين (هدى).

معنى ذلك أن القرآن أٌنزل ليعمل في الدائرتين، في المجتمَعين… ومعنى ذلك أنه يجبُ على أهل القرآن أن يعملوا به، وأن يتحركوا به، حتى لا يقعوا في مجالِ شكوى النبي –صلى الله عليه وسلم (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا القُرْآنَ مَهْجُوراً). سورة الفرقان الآية 30.

إن قراءةَ القرآن بتقليبِ الصفحات بسرعةٍ أو ببطء، وإنَّ الإكثار من الختمات بانكفاءٍ على الذات وانزواء يجعلنا نحصلُ على كثيرِ الحسنات في الحصالة الشخصية فقط… فأين حسنات الحصالة العامة (للناس)؟ إننا لو بقينا قرناً من الزمان أو قرنين على هذه الحال [قرآن بانكفاء وانزواء] فسوف تكون المحصلةُ سلبيةً في النهاية، سلبية على نفوسنا أولاً، وسلبية على الناس المقصودين بهداية القرآن ثانياً وآخراً!

فماذا؟

أنزل اللهُ القرآن ليعمل، ليتحرك به المسلمون في الدائرتين، دائرة الخصوص (المتقين)، وفي دائرة العامة (للناس). وإن تحويلَ القرآن إلى عبادةٍ شخصية يتنافى مع طبيعةِ القرآن، قال صلى الله عليه وسلم: "بلّغوا عني ولو آية" رواه البخاري والترمذي وأحمد. والتبليغُ هو الدعوةُ الإسلامية. والقرآنُ الكريم هو الصيغة الإلهية للدعوة، ولهذا أٌنزل ليكون منهجَ حركة ودعوة، ومنهج حياة واقعية.

إنَّ حلقاتِ القرآن الكريم للتحفيظ، والمقاريء إذا اقتصر دورُها على تصحيحِ النطق، وتجويدِ الصوت، والقراءات العشر، فذلك قصورٌ أو تقصيرٌ منا في إدراكِ رسالة القرآن… وإنَّ مجردَ الحفظ النظري للقرآن، ثم الحصول على الجوائز وشهادات التقدير مع الإبقاء على الواقعِ الإسلامي بين مخالبِ وأنيابِ الجاهليات الوثنية المعاصرة تعصفُ بالمجتمعات حسب أهواء طواغيت البشر، وحسب الأنظمة المغتصِبة لسلطان الله على عباده… إنَّ حالة المسلمين هذه مع القرآن إنما تمثل خللاً في الفهم، وابتعاداً بالقرآن عمَّا أٌنزل من أجله.

فلنتحرك:

لتكن لنا بالقرآن حركتان:

حركة في مجتمع المتدينين (المتقين)…

وحركة في مجتمع (الناس) أجمعين…

بذلك يكون القرآنُ عاملاً في مجاله، ولتكن حركتُنا تبصيرية (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاوَمَنِ اتَّبَعَنِي) سورة يوسف، الآية 108.

ولتكن حركتُنا بالقرآن حركةً جهادية: (وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً). سورة الفرقان، الآية 52.

حركة جهادية نهارية وليلية، حركة دعوية في المساجد، وفي الأسواق، في الشوارع وفي النوادي، حركة جهادية في المؤتمرات والنقابات… حركة مع أفرادِ الأسرة، وبين الأقاربِ والجيران والمعارف… حركة تأخذ مُسمى "الدعوة" وحركة تأخذ بمسمى "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وحركة تسمى "الإصلاح"، وتأخذ بكل المسميات القرآنية… حركة تشمل جميع جوانب الحياة:

في العقيدة (التوحيد)…

في العبادة…

في الإدارة…

في السياسة…

في الاقتصاد…

في الفن…

في الأدب والثقافة…

في التربية والتعليم…

في الزراعة…

في الصناعة…

في التجارة…

في الأخلاق…

في الاجتماع…

في الغايات والوسائل، وبين جميعِ شرائحِ المجتمع، حتى يكون القرآنُ واقعاً بحق (للمتقين)، و(للناس). وحتى تعيش أمةُ القرآن بالقرآن (مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ). سورة الأنعام الآية 38.

كيف؟

درس عملي 1:

يبقى كلامُنا نظرياً إن لم نتصور الأداء العملي لما نقول.

اجتمع الزوجان على الوردِ القرآني، الجزء الأول، في اليوم الأول من رمضان…

أو اجتمع رجلان أو أكثر…

أو اجتمعت امرأتان أو أكثر…

وبعد الانتهاء من تلاوةِ الجزءِ الأول، تمَّت دراسة الآيات من 8-12 من سورة البقرة، الخاصة بالمنافقين وصفاتهم، وتم استيعاب هذه المعاني، للمضي في حركةٍ قرآنيةٍ دعوية:

1- النفاق ليس ظاهرةً تاريخيةً وانتهت…

2- حالات النفاق في عصرنا…

3- هل توجد صفات نفاق في أفرادٍ من المسلمين الآن؟ (بدون ذكر أسماء أشخاص بعينهم)…

4- كيف يتخلص الأفرادُ المسلمون مما عساه يكون بهم من صفات النفاق؟ (ما الوسائل؟).

5- ما دورنا لعلاجِ ظواهرِ النفاق في مجتمعنا؟

6- ما مصيرُ المنافقين؟

7- إذا كان بين المشاركين خطيب، فليكن هذا هو موضوع خطبة الجمعة القادمة.

8- ينتقل المشاركون في هذا الدرس إلى آخرين في محيطِ العمل، أو من الأهلِ أو الأقارب أو الجيران والأصدقاء.

9- وعلى الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات أن ينتقلوا إلى أولادهم وطلابهم وطالباتهم مع مراعاة الآتي:

أ‌- عرض صفات المنافقين بشكلٍ مبسط يناسبُ الفئات العمرية المتنوعة.

ب‌- ملاحظة الانفعالات التي تظهرُ عند عرضِ الصفات المذمومة.

ت‌- التركيز على تنفيرِ الأولاد، أو الطلاب والطالبات من النفاق والمنافقين.

ث‌- التركيز على صفةِ الكذب في المنافقين، وامتداح الصدق والصادقين، وعرض قصص للكذب والصدق.

ج‌- الحرص على تعزيزِ حلقات التعليم، وليس الحفظ فقط، حتى ينشأ هؤلاءِ على معرفة رسالة القرآن الكريم الذى يحفظونه.

درس عملي 2

بعد الانتهاء من تلاوةِ الجزء الرابع عشر، تمَّت دراسة الآيات من 90-95 من سورة النحل، وهي تحتوي على عددٍ من الوصايا الإيمانية، والسلوكيات العملية، وتم استيعاب هذه المعاني:

1- المؤمن مُكلفٌ باتباع القرآن الكريم، والسنة النبوية الصحيحة، والتحلي بجميع الأوامر، واجتناب جميع النواهي.

2- من الأوامر والإرشادات القرآنية: العدل – الإحسان – صلة الأرحام – اجتناب الفحشاء والمنكر والظلم – الوفاء بعهد الله – التمسك بالأيْمان (الحلف) – عدم الارتداد عن الإسلام – لا نبيع ديننا بأي عرضٌ دنيوي.

3- كيف نتحلى بالأوامرِ القرآنية والنبوية؟ وكيف نثبتُ عليها؟ وما الوسائل؟

4- ما مصيرُ المُوفين بعهدهم مع اللهِ ورسوله؟

5- إذا كان من المشاركين خطيب فلتكن هذه الأوامر القرآنية هي موضوع خطبته لهذا الأسبوع.

6- ينتقل المشاركون في هذا الدرس إلى آخرين في محيطِ العمل، أو من الأهل أو الأصدقاء والجيران، والأقارب لهم الأولوية.

7- وعلى الآباء والأمهات، والمعلمين والمعلمات أن ينتقلوا إلى أولادهم، وإلى طلابهم وطالباتهم بهذا الدرس القرآني، مع مراعاة الآتي:

‌أ- عرض التوجيهات بشكلٍ مبسط يناسب مستوياتهم.

‌ب- التمثيل للتوجيهات بصور عملية، ومناقشتهم لعرض ما يتوارد على أذهانِهم من ذلك، بحيث لا يكون الحديث من طرفِ الأب أو الأم، أو المعلم أو المعلمة وحدهم.

‌ج- عرض أمثلة من واقع الأولاد أو الطلاب والطالبات، وأفراد المجتمع لتعزيز الفهم والسلوك.

التربية القرآنية

قال صلى الله عليه وسلم: "خيركم مَن تعلَّم القرآن وعلمه". رواه البخاري.

التعلم يشمل الحفظ، والفهم، والممارسة العملية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لاَ تَفْعَلُونَ). سورة الصف، الآية 2-3.

بعد الحفظ، بل مع الحفظ يتكونُ الفهم، ويتحقق العمل، أمَّا الوقوف عند الحفظِ وتصحيح النطق، وتجويد الحروف، والقراءات، فتلك مقدماتُ العمل بالقرآن، والسنة شارحة القرآن الكريم. ومن المقدمات إلى المضمون يمضي المسلمون…

هل وعينا رسالةَ القرآن؟

هل وعينا (هدى للمتقين)؟ و(هدى للناس)؟

وهل وعينا الدور المنوط بنا تجاه القرآن في رمضان وفي غير رمضان؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.