والصلاة والسلام على الشاهد المبشر النذير
( من صمت نجا ) حديث
– عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت "
– وقال أبو الدرداء رضي الله عنه :
"لا خير في الحياة إلا لأحد رجلين : منصت واع ، أو متكلم عالم .. "
– وقال الفضيل بن عياض :
شيئان يقسيان القلب كثرة الكلام وكثرة الأكل ..
– وقال سفيان الثوري :
"أول العبادة الصمت ثم طلب العلم ، ثم العمل به ، ثم حفظه ، ثم نشره . "
– وقال أبوحاتم:
اللسان هو المورد للمرء موارد العطب ، والصمت يكسب المحبة والوقار ، ومن حفظ لسانه أراح نفسه ، والرجوع من الصمت أحسن من الرجوع عن الكلام .
– قال : وأنشدني الكريزي :
أقلل كلامك واستعذ من شره * إن البلاء ببعضه مقرون
واحفظ لسانك واحتفظ من غَيِّهِ * حتى يكون كأنه مسجون
وكِّل فؤادك باللسان وقل له * إن الكلام عليكما موزون
فزِناه ،ولْيَكُ محكماً ذا قِلّةٍ * إن البلاغة في القليل تكون
– قال أبو حاتم :
الواجب على العاقل أن ينصف أذنيه من فيه ،ويعلم أنه إنما جعل له أذنان وفم واحد ليسمع أكثر مما يقول ، لأنه إذا قال ربما ندم ، وإن لم يقل لم يندم ، وهو على رد ما لم يقل أقدر منه على رد ما قال ، والكلمة إذا تكلم بها ملكته ،وإن لم يتكلم بها ملكها .
– وعن رجل من ربيعة :
على فيك مما ليس يعنيك شأنه * بقفل وثيق ما استطعت فأقفلِ
ولَلصمت خير من كلام بمأثم * فكن صامتا تسلم وإن قلت فاعدلِ
– وعن كعب قال :
" العافية عشرة أجزاء ، تسعة منها في السكوت . "
– وقال الأحنف بن قيس :
" الصمت أمان من تحريف اللفظ وعصمة من زيغ المنطق ، وسلامة من فضول القول ، وهيبة لصاحبه "
– قال أبو حاتم :
"الواجب على العاقل أن يلزم الصمت إلى أن يلزمه الكلام ، فما أكثر من ندم إذا نطق ، وأقل من يندم إذا سكت ، وأطول الناس شقاء وأعظمهم بلاء من ابتلي بلسان مطلق ، وفؤاد مطبق ."
– ولقد أحسن من قال :
إن كان يعجبك السكوت فإنه * قد كان يعجب قبلك الأخيارا
ولئن ندمت على سكوت مَرّة * فلقد ندت على الكلام مرارا
إن السكوت سلامة ولربما * زرع الكلام عداوة وضرارا
وإذا تقرب خاسر من خاسر * زادا بذاك خسارة وتبارا
– وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للأحنف بن قيس :
" يا أحنف من كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه قل حياؤه ، ومن قل حياؤه قل ورعه ، ومن قل ورعه مات قلبه "
– قال أبو حاتم :
" الواجب على العاقل أن يكون ناطقا كعيٍّ ، وعالما كجاهل ، وساكتا كناطق ، لأن الكلام لا بد له من جواب والجواب لو جعل له جواب لم يكن للقول نهاية ، وخرج المرء إلى ما ليس له غاية ، والمتكلم لا يسلم من أن ينسب إليه الصّلف والتكلف ،والصمت لا يليق به إلا الوقار وحسن السمت ."
– وأنشدني الأبرش :
ما زَلّ ذو صمت ، وما مِنْ مُكثر * إلا يزلُّ وما يُعاب صموتُ
إن كان منطق ناطق من فضةٍ * فالصمت دُرٌّ زانه الياقوت
– وقال على بن بكار :
جعل الله لكل شيء بابين ، وجعل للسان أربعة :
الشفتين مصراعين ، والأسنان مصراعين .
– وعن وهيب بن الورد :
أن شابا كان يحضر مجلس عمر بن الخطاب ،ويحسن الاستماع، ثم ينصرف من قبل أن يتكلم ، ففطن له عمر، فقال له : إنك تحضر مجلسنا ، وتحسن الاستماع ثم تنصرف من قبل أن تتكلم ، فقال الشاب : إني أحضر فأتوقّى وأتنقّى ، وأصمت فأسلم .
– وعن الاوزاعي :
"ما بلي أحد في دينه بلاء أضر عليه من طلاقة لسانه ."
– وقال بلال بن سعد :
" إذا رأيت الرجل لجوجا مماريا معجبا برأيه فقد تمت خسارته " .
– وعن يحيى القطان عن شعبة قال :
"من الناس من عقله بفنائه ، ومنهم من عقله معه ، ومنهم من لا عقل له .
فأما الذي عقله معه : فالذي يبصر ما يخرج منه قبل أن يتكلم ..
أما الذي عقله بفنائه : فالذي يبصر ما يخرج بعد أن يتكلم ..
ومنهم من لا عقل له ."
– وعن محمد بن عبد الله بن زنجي :
أنت من الصمت آمن الجلل * ومن كثير الكلام في وجل
لا تقل القول ثم تتبعه * يا ليتَ ما كنتُ قلت ولم أقل
– قال أبو حاتم :
وقد ترك جماعة من أهل العلم حديث أقوام أكثروا الكلام فيما لا يليق بهم ، ومن ذلك ما حدثنا به محمد بن الحسن بن مكرم بالبصرة حدثنا عمرو بن علي حدثنا أمية بن خالد عن سعيد قال :
قلت للحكم : ما لك لا تكتب عن زاذان ؟
قال : كان كثير الكلام !
– قال و أنشدني الكريزي
استر العيّ ما استطعت بصمت * إن في الصمت راحة للصموت
واجعل الصمت إن عييت جوابا * رب قول جوابه في السكوت
_ قال أبوحاتم :
لسان العاقل يكون وراء قلبه ، فإذا أراد القول رجع إلى القلب .. فإن كان له قال ، وإلا فلا .. والجاهل قلبه عند طرف لسانه ما أتى على لسانه تكلم به ، وما عقل دينه من لم يحفظ لسانه .
– قال :
والعاقل لا يبتدي الكلام إلا أن يُسأل ..
ولا يقول إلا لمن يقبل ..
ولا يجيب إذا شوتم ..
ولا يجازي إذا أُسمع ؛ لأن الإيتداء بالصمت وإن كان حسنا ، فإن السكوت عن القبيح أحسن منه ..
– وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه :
" والله الذي لا إله غيره ، ما شيء أحق بطول سجن من لسان . "
================
(*) * أكثره منتقى من كتاب روضة العقلاء ونزهة الفضلاء لأبي حاتم البستي
و عسى الله أن يهدينا و إياكم و إخواننا لما يجب و يرضى
و السلام
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.