تخطى إلى المحتوى

حـسـن الـسـمـت فـي لـزوم الـصـمـت 2024.

القعدة

الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
والصلاة والسلام على
الشاهد المبشر النذير
وبعـــــــــــــــد

القعدة

حـسـن الـسـمـت فـي لـزوم الـصـمـت


( من صمت نجا ) حديث

– عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت "

– وقال أبو الدرداء رضي الله عنه :

"لا خير في الحياة إلا لأحد رجلين : منصت واع ، أو متكلم عالم .. "

– وقال الفضيل بن عياض :

شيئان يقسيان القلب كثرة الكلام وكثرة الأكل ..

– وقال سفيان الثوري :

"أول العبادة الصمت ثم طلب العلم ، ثم العمل به ، ثم حفظه ، ثم نشره . "

– وقال أبوحاتم:

اللسان هو المورد للمرء موارد العطب ، والصمت يكسب المحبة والوقار ، ومن حفظ لسانه أراح نفسه ، والرجوع من الصمت أحسن من الرجوع عن الكلام .

– قال : وأنشدني الكريزي :

أقلل كلامك واستعذ من شره * إن البلاء ببعضه مقرون
واحفظ لسانك واحتفظ من غَيِّهِ * حتى يكون كأنه مسجون
وكِّل فؤادك باللسان وقل له * إن الكلام عليكما موزون
فزِناه ،ولْيَكُ محكماً ذا قِلّةٍ * إن البلاغة في القليل تكون

– قال أبو حاتم :

الواجب على العاقل أن ينصف أذنيه من فيه ،ويعلم أنه إنما جعل له أذنان وفم واحد ليسمع أكثر مما يقول ، لأنه إذا قال ربما ندم ، وإن لم يقل لم يندم ، وهو على رد ما لم يقل أقدر منه على رد ما قال ، والكلمة إذا تكلم بها ملكته ،وإن لم يتكلم بها ملكها .

– وعن رجل من ربيعة :

على فيك مما ليس يعنيك شأنه * بقفل وثيق ما استطعت فأقفلِ
ولَلصمت خير من كلام بمأثم * فكن صامتا تسلم وإن قلت فاعدلِ

– وعن كعب قال :

" العافية عشرة أجزاء ، تسعة منها في السكوت . "

– وقال الأحنف بن قيس :

" الصمت أمان من تحريف اللفظ وعصمة من زيغ المنطق ، وسلامة من فضول القول ، وهيبة لصاحبه "

– قال أبو حاتم :

"الواجب على العاقل أن يلزم الصمت إلى أن يلزمه الكلام ، فما أكثر من ندم إذا نطق ، وأقل من يندم إذا سكت ، وأطول الناس شقاء وأعظمهم بلاء من ابتلي بلسان مطلق ، وفؤاد مطبق ."

– ولقد أحسن من قال :

إن كان يعجبك السكوت فإنه * قد كان يعجب قبلك الأخيارا
ولئن ندمت على سكوت مَرّة * فلقد ندت على الكلام مرارا
إن السكوت سلامة ولربما * زرع الكلام عداوة وضرارا
وإذا تقرب خاسر من خاسر * زادا بذاك خسارة وتبارا

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه للأحنف بن قيس :
" يا أحنف من كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه قل حياؤه ، ومن قل حياؤه قل ورعه ، ومن قل ورعه مات قلبه "

– قال أبو حاتم :

" الواجب على العاقل أن يكون ناطقا كعيٍّ ، وعالما كجاهل ، وساكتا كناطق ، لأن الكلام لا بد له من جواب والجواب لو جعل له جواب لم يكن للقول نهاية ، وخرج المرء إلى ما ليس له غاية ، والمتكلم لا يسلم من أن ينسب إليه الصّلف والتكلف ،والصمت لا يليق به إلا الوقار وحسن السمت ."

– وأنشدني الأبرش :

ما زَلّ ذو صمت ، وما مِنْ مُكثر * إلا يزلُّ وما يُعاب صموتُ
إن كان منطق ناطق من فضةٍ * فالصمت دُرٌّ زانه الياقوت

– وقال على بن بكار :

جعل الله لكل شيء بابين ، وجعل للسان أربعة :

الشفتين مصراعين ، والأسنان مصراعين .

– وعن وهيب بن الورد :

أن شابا كان يحضر مجلس عمر بن الخطاب ،ويحسن الاستماع، ثم ينصرف من قبل أن يتكلم ، ففطن له عمر، فقال له : إنك تحضر مجلسنا ، وتحسن الاستماع ثم تنصرف من قبل أن تتكلم ، فقال الشاب : إني أحضر فأتوقّى وأتنقّى ، وأصمت فأسلم .

– وعن الاوزاعي :

"ما بلي أحد في دينه بلاء أضر عليه من طلاقة لسانه ."

– وقال بلال بن سعد :

" إذا رأيت الرجل لجوجا مماريا معجبا برأيه فقد تمت خسارته " .

– وعن يحيى القطان عن شعبة قال :
"من الناس من عقله بفنائه ، ومنهم من عقله معه ، ومنهم من لا عقل له .

فأما الذي عقله معه : فالذي يبصر ما يخرج منه قبل أن يتكلم ..

أما الذي عقله بفنائه : فالذي يبصر ما يخرج بعد أن يتكلم ..

ومنهم من لا عقل له ."

– وعن محمد بن عبد الله بن زنجي :

أنت من الصمت آمن الجلل * ومن كثير الكلام في وجل
لا تقل القول ثم تتبعه * يا ليتَ ما كنتُ قلت ولم أقل

– قال أبو حاتم :

وقد ترك جماعة من أهل العلم حديث أقوام أكثروا الكلام فيما لا يليق بهم ، ومن ذلك ما حدثنا به محمد بن الحسن بن مكرم بالبصرة حدثنا عمرو بن علي حدثنا أمية بن خالد عن سعيد قال :

قلت للحكم : ما لك لا تكتب عن زاذان ؟

قال : كان كثير الكلام !

– قال و أنشدني الكريزي

استر العيّ ما استطعت بصمت * إن في الصمت راحة للصموت
واجعل الصمت إن عييت جوابا * رب قول جوابه في السكوت

_ قال أبوحاتم :

لسان العاقل يكون وراء قلبه ، فإذا أراد القول رجع إلى القلب .. فإن كان له قال ، وإلا فلا .. والجاهل قلبه عند طرف لسانه ما أتى على لسانه تكلم به ، وما عقل دينه من لم يحفظ لسانه .

– قال :

والعاقل لا يبتدي الكلام إلا أن يُسأل ..

ولا يقول إلا لمن يقبل ..

ولا يجيب إذا شوتم ..

ولا يجازي إذا أُسمع ؛ لأن الإيتداء بالصمت وإن كان حسنا ، فإن السكوت عن القبيح أحسن منه ..

– وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه :

" والله الذي لا إله غيره ، ما شيء أحق بطول سجن من لسان . "


================

الهوامش

(*) * أكثره منتقى من كتاب روضة العقلاء ونزهة الفضلاء لأبي حاتم البستي

و عسى الله أن يهدينا و إياكم و إخواننا لما يجب و يرضى
و السلام

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

القعدة

بارك الله فيك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.